ظاهرة الغش : للأخلاق الكريمة دور هام وكبير في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم فهي التي تبني العلاقات السليمة بين الناس القائمة على الصدق والأمانة وهي التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية. ولكن في وقتنا الحالي، تفشت الرذيلة بشكل كبير في مجتمعاتنا وساءت المعاملات والأخلاق وعلى رأسها الغش التي تفشى بشتى ألوانه وبمختلف مفاهيمه، فغزا جميع المجالات ونخر جسدها. فما هو الغش؟ ما تجلياته؟ وما هي الأضرار المترتبة عنه على الفرد والمجتمع؟
مفهوم الغش
ظاهرة الغش هناك أكثر من مفهوم للغش، وذلك حسب المجال الذي يستعمل فيه، ولكن بشكل عام فهي وسيلة وممارسة مذمومة يتحلى صحبها بالمكر والتحايل والتزوير والخديعة من أجل تحقيق غرض شخصي غير مشروع وبدون وجه حق. فالغش يوازي الخيانة وهو نقيض للفعل المستقيم وقد يقترن بالفساد. بشكل عام، يشكل الغش انتهاكاً فظاً لمنظومة القيم والمعايير والمبادئ الأخلاقية. والغش حرام، ومنبوذ ثقافياً وأخلاقياً واجتماعياً ودينياً حيث حرم فعله كل التعاليم الدينية.
اساليب الغش :
ظاهرة الغش قد يتم استخدام التحايل والتزييف والتدليس والكذب من أجل الغش، وذلك قصد تحريف واقع بعض الأشياء أو خلطها أو تغيير طبيعتها. مثلاً، في المجال التربوي، يقوم التلميذ بالغش عبر استغلال غفلة المراقب وطلب المساعدة من زميله أو نقل الإجابة منه. فكل من يلتجئ للطرق غير المشروعة من أجل تحقيق أهدافه الشخصية وفي أي مجال كان يسمى غشاشاً، فهذه الطرق قد تكون تزوير أو تلاعب أو مكر. فغالباً ما يقضي الغشاش وقتاً ثميناً في البحث عن أنجع الطرق لنجاح خطته، ولو أنه قضى هذا الوقت في إنجاز عمله بطريقة مشروعة لنجح بذلك ولو بنسبة قليلة ولنال رضاه ورضا الناس ورضا الرب.
الغش والجريمة :
ظاهرة الغش يعتبر الغش بمثابة جريمة، والتغاضي عنها أكبر خديعة قد ترتكب في حق المجتمع، فلا ينتظر من الغشاش أن يكون شخصاً مستقيماً وأميناً وفاضلاً. والغش هو مصدر للظلم الاجتماعي الذي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص لأن الغشاش يزيح من هو أكفأ منه ويحل محله بدون أحقية لذلك. وبهذا الأمر ينزل الفاضل والأمين والمستقيم إلى الحضيض وينتظر الفساد في المجتمع والظلم وتفقد الثقة بين الناس وينمو العنف والسرقة والسطور والنهب على ممتلكات الآخرين فتتدهور العلاقات الاجتماعية ويدمر المجتمع.
كلما انتشر الغش في المجتمع كلما مال الناس للانطواء على أنفسهم والابتعاد عن الآخرين وأخذ الحيطة والحذر منهم، وبالتالي تتضمن قيم التضامن والتكافل ويطال الفساد المعاملات والتعامل بين الناس. لهذا يمكن القول بأن الغش مصدر لانتشار الأوبئة والأمراض الاجتماعية في مختلف المجالات، والتي من شأنها أن تجعل المجتمع متخلفاً عن مواكبة ركب الحضارة والتقدم التي تشهده باقي المجتمعات.
نهايةً، لا يمكن للمجتمع أن يرقى ويتقدم وآفة الغش منتشرة به، لهذا يجب التصدي لها ومحاربتها بشتى الوسائل والطرق أهمها تنظيم حملات توعوية واسعة بين صفوف جميع المواطنين من أجل التوعية بمخاطر هذه الآفة وأضرارها على الفرد والمجتمع، وكذا إعادة النظر في أساليب الامتحانات، وتفعيل تشريعات ومساطر وتطبيقها على الغشاشين والمتلاعبين بالقوانين.
للمزيد :
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.