للعسل الكثير من الفوائد العلاجية على صحة الإنسان ويكفي أنه مذكور في الآية 69 من سورة النحل “يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس”. حيث أثبتت فاعليته القوية في علاج الجروح المفتوحة والحروق وأمراض الجهاز التنفسي والهضمي، وقد استخدمته الحضارات العريقة في أمور ثانوية غير العلاج، حيث يذكر بأن البابليون استعملوه في دفن موتاهم، وتم تحنيط الإسكندر الأكبر في تابوت مصنوع من العسل. فبجانب طعمه اللذيذ، للعسل خاصية لا تتميز بها إلا أغذية قليلة جداً وهي أنه لا يفسد تقريباً مهما بلغت مدة تخزينه بطريقة صحيحة حيث اكتشف أقدم عسل في العالم في جورجيا بعمر يتجاوز ال5 آلاف سنة. فلماذا لا يفسد العسل؟
كلنا نعلم بأن أصل العسر سكر ولا شك في أنك سمعت مسبقاً بأنه هناك فائدة في حال تم استبدال السكر الصناعي بالعسل لتحلية الطعام والمشروب ولكن هذه النصيحة خاطئة وليست صحية دائمةً على الجسم بسبب أن العسل قد يفوق مقدار السكر فيه المحليات الصناعية، فعلى الرغم من اختلاف حبيبات السكر الأبيض عن السكر الموجود في عسل النحل إلا أنه في النهاية يبقى سكراً.
فمن الخصائص التي تمكّن العسل من أن يُحفظ لسنوات طويلة دون أن يفسر هو أنه عبارة عن مركب استرطابي أي لا يحتوي على الكثير من الرطوبة والمياه في حالته الطبيعية وهذا يعني أن عددا قليلا جدا فقط من البكتيريا والكائنات الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة هي التي تستطيع العيش فيه بسبب قلة رطوبته، بل هذه النسبة قد تصبح نادرة جداً، وإن استطاعت بعض الكائنات الدقيقة العيش في العسل فإنها تموت بعد فترة بسبب حاجتها للرطوبة.
هناك سبب آخر يجعل العسل صالحا للأكل للأبد وهي حموضته التي تتراوح بين 3.26 – 4.48، إذاً حموضته الشديدة تقتل الكائنات الدقيقة التي تحاول العيش عليه. وهناك عوامل أخرى تساهم في انخفاض رطوبة العسل وحفظه لفترات طويلة دون أن يفسد ومنها:
- النحل: يتبع النحل أسلوب خاص في تجفيف الرحيق عبر رفرفة الجناحين بسرعة، كما أنه يحتوي في بطنه على إنزيم “جلوكوز أوكسيديز” الذي يقوم بإضافته للرحيق الذي يخرجه من بطنه عبر التقيؤ، حيث إن هذا الإنزيم ينتج حمض الجلوكونيك وبيروكسيد الهيروجين الذي يقوم بقتل أي كائن دقيق يحاول العيش في العسل. وبالتالي يمكننا القول بأن التركيب الإنزيمي والكيميائي للعسل يحميه من الكائنات الدقيقة التي تريد العيش فيه.
- التخزين: طريقة تخزين العسل تلعب دوراً مهما في حفظه من الرطوبة والبكتيريا والفطريات، حيث من السهل أن يفسد لو تم تخزينه بطريقة خاطئة. فكما قلنا سابقاً، العسل مركب استرطابي وهذا يعني أنه قادر على امتصاص الرطوبة إذا وجدت لهذا يجب إحكام إقفال العبوات حتى لا تصل الرطوبة له ويجب تخزينه في مكان جاف.
- البلورة: أحيانا قد تلاحظ ظهور طبقة من بلورات السكر على السطح ولكن هذا لا يعني بأنه أصبح فاسدا وغير صالح للأكل بل هو مجرد خطأ في التعبئة خلال تصفية العسل أدت لبقاء جزيئات تسببت في حدوث هذا التبلور على سطحه عندما تم تخزينه لفترة طويلة. ومن أجل تفادي هذا الأمر لا ينصح بحفظ العسل في الثلاجة بل في أماكن ذات حرارة معتدلة مرتفعة.
نحن نقول بأن العسل يمكن لا يفسد ولكن هذا الأمر لا يعني عدم احتوائه على أي نوع من الجراثيم، فهناك جرثومة “كلوستريديوم لوتولينوم” التي تعيش في العسل ولكنها لا تعتبر ضارة سواء للبالغين أو الأطفال فوق عمر السنة لهذا ننوه بأن لا يعطى عسل النحل للأطفال دون السنة حتى لا يصبحوا عرضة للتسمم بسبب هذه الجرثومة.